بيليه ومارادونا- أساطير كرة القدم وقصة الكرة الذهبية

المؤلف: فهد صالح (جدة) fahadoof_s@10.14.2025
بيليه ومارادونا- أساطير كرة القدم وقصة الكرة الذهبية

على الرغم من أن كرة القدم، اللعبة الأكثر شعبية على مستوى العالم، قد أفرزت عبر تاريخها الزاخر نجوماً لامعة ومواهب فذة قادرة على التنافس بشراسة على لقب "الأفضل" في تاريخ المستديرة، مثل الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو، إلا أن هذين النجمين اللامعين لم يستطيعا حتى الآن الوصول إلى مستوى الأسطورتين بيليه ومارادونا في معيار بالغ الأهمية، ألا وهو الفوز بكأس العالم ورفع الكأس الذهبية. صحيح أن ميسي قد تربّع على عرش قائمة جائزة الكرة الذهبية المرموقة (البالون دور)، ويتبعه رونالدو في المركز الثاني في قائمة اللاعبين الأكثر تتويجاً بهذه الجائزة الرفيعة، إلا أن هذا الترتيب كان من الممكن أن يكون مغايراً تماماً لولا تبدل معايير الجائزة وتطور قناعاتها عبر الزمن، ولكان لقب اللاعب الأكثر فوزاً بالكرة الذهبية من نصيب أسطورتي كرة القدم، البرازيلي بيليه والأرجنتيني مارادونا، اللذين لم ينالا شرف الفوز بهذه الجائزة طوال مسيرتهما الكروية الحافلة بالإنجازات. قد يندهش المولعون بكرة القدم من حقيقة عدم فوز أفضل لاعبين أنجبتهم ملاعب كرة القدم عبر التاريخ، بيليه ومارادونا، بهذه الجائزة القيمة، ويعود السبب في ذلك إلى أن الشروط والاشتراطات التي اعتمدتها مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية منذ انطلاق جائزة الكرة الذهبية كانت تقتصر الترشح على اللاعبين الأوروبيين فقط، لكن المجلة تداركت هذا الأمر في عام 1995 وقامت بتغيير تلك الشروط التي اعتبرتها مجحفة وغير عادلة، وكان أول المستفيدين من هذا التعديل هو اللاعب الليبيري جورج وياه الذي فاز بالجائزة أثناء تألقه مع نادي ميلان الإيطالي في عام 1995. وبعد طول انتظار وإنصافاً للعمالقة، قامت المجلة في عام 2016 بوضع قائمة شرفية تضمنت أسماء اللاعبين الذين استحقوا الفوز بالجائزة من خارج قارة أوروبا، وعلى رأس هذه القائمة الأسطورة بيليه، حيث منحته سبع جوائز "بالون دور" عن الأعوام 1958 و1959 و1960 و1961 و1963 و1964 و1970، وقامت المجلة بوضع صورة لبيليه على غلافها وهو يحمل الكرات الذهبية السبع. كما أضافت إلى قائمتها الشرفية للجائزة اسم الساحر دييغو مارادونا (مرتين)، ومنحت لاعبين آخرين جائزة الكرة الذهبية بأثر رجعي، وهم روماريو، وماريو كيمبس، وغارينشا. إنجازات لا تُمحى من الذاكرة لا يمكن لأحد أن يتجاهل إنجازات بيليه الهائلة، فقد بلغ عدد أهدافه 1279 هدفاً سجلها في 1363 مباراة، بما في ذلك المباريات الودية، لكن الإنجاز الأبرز الذي لا يمكن لأحد أن ينكره أو يشكك فيه هو فوز اللاعب مع منتخب بلاده البرازيل بكأس العالم ثلاث مرات، فهو اللاعب الوحيد في تاريخ كرة القدم الذي حقق هذا الإنجاز الفريد، كما أنه كان الهداف التاريخي لنادي سانتوس برصيد 643 هدفاً في 92 مباراة، وقد تم اختياره من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ليكون ضمن لاعبي القرن، وتم اختياره من قبل اللجنة الأولمبية الدولية ليكون ضمن قائمة أهم 100 شخصية رياضية في القرن العشرين. والجدير بالذكر أن بيليه عرف ناديين فقط خلال مسيرته الكروية المديدة، وهما سانتوس (1956-1974) وكوزموس (1975-1977)، وكان يُنظر إليه دائماً على أنه بطل مخلص، ورجل محترم، وقدوة حسنة في عالم كرة القدم، ولم تشوب مسيرته الكروية أي فضيحة تذكر. أما مارادونا، الذي ولد في عام 1960، فقد تمتع بمسيرة كروية باهرة امتدت لـ22 عاماً، وقد طبع مارادونا مونديال المكسيك 1986 باسمه عن جدارة واستحقاق لأسباب عديدة، أبرزها قيادته منتخب الأرجنتين إلى تحقيق لقبها العالمي الثاني بعد أداء مبهر قدم فيه لمحات فنية لا تُمحى من ذاكرة عشاق كرة القدم، ولا ينسى العالم الهدف الأسطوري الذي سجله في مرمى منتخب إنجلترا بعد مجهود فردي خارق للعادة انطلق به من منتصف الملعب وتجاوز خلاله أكثر من لاعب إنجليزي والحارس بيتر شيلتون، قبل أن يسكن الكرة في الشباك مسجلاً هدفاً يعتبره العديد من النقاد الأجمل في تاريخ كرة القدم الحديث. هذا الطفل المشاغب داخل المستطيل الأخضر وخارجه، تألق مع عدة أندية، مثل أرجنتينوس جونيور، بوكا جونيور، برشلونة، ونابولي، إلا أن مسيرته مع نابولي كانت الأبرز والأكثر تألقاً على الإطلاق، حيث استمر مع فريق الجنوب الإيطالي من عام 1984 حتى عام 1991. البالون دور: أرفع الجوائز الفردية تعتبر جائزة الكرة الذهبية (البالون دور) أرفع وأسمى تكريم يُمنح للاعبي كرة القدم في العالم، ويتم تقديم الجائزة في حفل بهيج يقام في العاصمة الفرنسية باريس. وقد بدأت هذه الجائزة في تكريم لاعبي كرة القدم الرجال منذ عام 1956. وعن آلية اختيار الفائز بالكرة الذهبية، يتم أولاً وضع قائمة أولية بأسماء المرشحين، ويُفترض أن تتضمن هذه القائمة 30 لاعباً من أبرز اللاعبين على مستوى العالم، ويتم إعداد هذه القائمة بواسطة فريق التحرير في مجلة فرانس فوتبول. ووفقاً للوائح جائزة الكرة الذهبية، يمنح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الجائزة لأفضل لاعب بناءً على أدائه المتميز في أرض الملعب، وسلوكه القويم داخل الملعب وخارجه. بعد ذلك تقوم لجنة يتم اختيارها من قبل الفيفا باختيار الفائز اعتماداً على أدائه الفردي والجماعي، وموهبته الفذة، وروحه الرياضية العالية، ومسيرة اللاعب الكروية بشكل عام. ويجب على كل ناخب من أعضاء اللجنة أن يختار خمسة لاعبين بترتيب الأفضلية، ثم يقوم الفيفا بمنح ست نقاط لكل اسم في المركز الأول، وأربع نقاط للمركز الثاني، ونقطة واحدة للمركز الثالث. يتم بعد ذلك تجميع النقاط، واللاعب الذي يحصل على أعلى رصيد من النقاط يفوز بالكرة الذهبية. وفي حالة تساوي لاعبين في عدد النقاط، يتم اختيار اللاعب الذي وقع ترتيبه في المركز الأول أكثر من غيره. ووفقاً لرئيس مجلة فرانس فوتبول، يتم إرسال التصويت بشكل سري إلى نظام إلكتروني لحصر عدد النقاط، وتقييم الفائز، ويبقى اسم الفائز سرياً، ولا يعرفه سوى رئيس المجلة حتى يوم الاحتفال وتسليم الجائزة. ومنذ تأسيس الجائزة حتى عام 2006، كان الصحفيون يشكلون لجنة التحكيم للتصويت على الفائز بجائزة الكرة الذهبية، ولكن اعتباراً من عام 2007، تم منح مدربي وقادة المنتخبات الوطنية الحق في الإدلاء بأصواتهم لاختيار الفائز. وبناءً على ذلك، تتكون (لجنة التحكيم الدولية المتنوعة) الحالية لاختيار الفائز من مدربي المنتخبات الوطنية وقادة الفرق من بين مجموعة يتم اختيارها من الاتحادات الوطنية التابعة للفيفا البالغ عددها 209 اتحادات، بالإضافة إلى (الصحفيين المتخصصين).

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة